lundi 10 février 2014

مقالة عن التحضير الذهني

التحضير الذهني

الرياضة العربية لن تصل للمستويات العليا ولن تخرج من ضيق الهواية إلى سعة الاحتراف إن لم ينفض عليها غبار الجهل والتقليد، فلا سبيل إلى الانجاز والإبداع الرياضي إلا بوجود فكر وعقل رياضي جديد ومتنور عكس العقل الكلاسيكي العربي المعاصر الذي لازلنا نحصد نتائجه المتواضعة والتي لا تكاد تذكر على المستوى القاري أو العالمي.
لا يمكننا النهوض بالرياضية إلا إذا توفر لدينا عقل بفكر رياضي.
المناهج الحديثة في مجال تدريب وإعداد الأبطال الرياضيين كلها بدون استثناء تم استيرادها من الغرب المتطورة رياضيا إلى بلدان العالم العربي، وتم استعمالها من قبل العديد من المدربين العرب في تدريب الرياضيين لكن دون نتائج ودون إنجازات تذكر.
والمتأمل في طرق إعداد الرياضيين يجد أن هناك جوانب ثابتة لا تتغير ولا تتبدل وتسري قوانينها على كل الرياضيين كالإعداد البدني و المهاري و التكتيكي، لكن هناك متغير آخر يغفل عنه المدربين العرب أو يتعمدون تناسيه لعدم تحكمهم فيه أو أسباب أخرى أجهلها.
العالم الآن في كل الفرق الرياضية سواء في الألعاب الجماعية أم الفردية أصبحوا متقاربين في الإعداد البدني و المهاري وما يصنع الفارق في الحاضر هو التحضر الذهني أو النفسي. 
وهنا يتجلى عجز وقصور المدربين العرب وذلك في عدم قدرته على الإحاطة بالجوانب النفسية للرياضي العربي، لأنها جوانب تصنع الانجاز إلى جانب الأبعاد التقنية، فإسقاط واستعمال نفس المناهج المستعملة في إعداد البطل الغربي على إعداد البطل الرياضي لن يصنع سوى أشباه أبطال لان هناك متغير ليس هو عينه لدى الرياضي الغربي، فهما يمكن أن يتشابها في الإمكانيات الحركية والبدنية لكن يختلفان في الإمكانيات النفسية والسلوكية.
أعلى النموذج

إذا كان إعداد الرياضيين المحترفين يتطلب تمكينهم من مجموعة من المهارات تتوزع بين ما هو تقني/ بدني/ تكتيكي/ نفسي/ أخلاقي/ ذهني، وإذا كان الإعداد الذهني في أدبيات علم الرياضة يُقصد به تنمية المهارات الذهنية للرياضي وهي تشمل مهارات الملاحظة/ مهارات الفهم/ مهارات التحليل/ مهارات اتخاذ القرار، وكلها مهارات ذهنية أي أن مكان وموضع تواجدها واشتغالها هو الذهن وليس البدن، فالسؤال هو: هل هناك إعداد ذهني للرياضي العربي يأخذ بعين الاعتبار هذه المكونات الذهنية أم أن الأمر هو أقرب إلى الخيال أن تجد مدربين عرب يضعون برامج لفرقهم هدفها تنمية المهارات الذهنية للفريق؟؟؟

في الكثير من المباريات أسمع اللاعبين أو المدربين يصرحون أن العامل النفسي هو الذي ساعدهم في الفوز أو يرجعون اللوم كله لعدم التركيز والانتباه أو عدم الحضور الذهني
والسؤال هنا هل المدرب العربي يقوم بالإعداد النفسي والذهني لفريقه؟ أم هي مجرد أقاويل يصرح بها للصحافة ؟
وكي لا يذهب ذهن القارئ بعيدا سنوضح ما هو الإعداد الذهني؟ ومتى ظهر؟

التحضير الذهني من الأفكار القديمة التي بدأت في أواخر القرن  التاسع عشر، وتعد من الموضوعات الحديثة  في أيامنا هذه لزيادة الاهتمام بالألعاب الرياضية  المختلفة ، ولزيادة شدة المنافسة، مما أدى للتوجه نحو مختلف أنواع الطرق التعليمية  والتدريبية ومحاولة  تعديلها ولتطوير المستوى والحصول على النتائج
وبغض النظر عن أن الاتجاهات والانفعالات والدافعية قد حظيت بالاهتمام في الإعداد النفسي للرياضيين، وعلى الرغم من زيادة الاهتمام نحوى استخدام الطرق الفنية الحديثة، الوجبات الغذائية المعدة بدقة، واستخدام المعدات و الأجهزة الالكترونية إلا أن القصور في الإعداد العقلي قد حرم العديد من اللاعبين الواعدين من الوصول إلى حدود ما تسمح به قدراتهم ومواهبهم ومن هنا ظهر السؤال كيف يمكن للاعب أن ينمي المهارات العقلية الأساسية للوصول للأداء الجيد؟ و الإجابة تكون عن طريق التدريب الذهني.
    في الواقع فإن العام 1960كان فاتحة التداول بنظريات وإستراتيجيات تناولت هذا الشق من حياة الرياضيين المحترفين إذ أن تطور الرياضة المستمر واشتداد المنافسة أظهر حاجة ماسة إلى تحصين اللاعبين ذهنياً ومعنوياً وأثبت تأثيره وانعكاسه المباشر على النتائج.
لكن متى نقول بأن هذا الرياضي قوي عقلياً ويتمتع بالنضوج الذهني؟ بكل بساطة فإن كل رياضي قادر على توظيف كامل قدراته البدنية والفنية والتكتيكية بأعلى نسبة ممكنة من قدراته دون فقدان التحكم (وصولاً إلى 100%) في المسابقات التي يشارك فيها، مهما كانت الظروف والعوامل الخارجية المؤثرة مباشرة أو غير مباشرة في الحدث.
ويكمن سر التدريب العقلي في السماح للرياضي بالوصول إلى استخلاص جميع قدراته ومعرفة الطريقة الأمثل لتوظيفها، وبالتالي الارتقاء بأدائه إلى أبعد حد ممكن ذلك أن الأداء العالي يرتبط بصورة وثيقة بالقدرة على السيطرة والتحكم والتركيز في أصعب الظروف.



مروش إبراهيم

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire